29 تشرين الثاني 2019 | 10:41

كتب بول شاوول

واخيراً تحرر الحريري

المصدر: خاص - مستقبل ويب

ثم اكمل الحريري انضمامه إلى المستقبل تماماً كما توقعنا في مقالنا السابق، لما انضم إلى الثورة ليكون واحداً في صفوفها ومطالبها وحلمها بلبنان آخر منقشع مضيىء بالحرية والعدالة والمساواة والسيادة... أخيراً تحرر من اعباء ثقيلة تحملها طويلاً آملاً بإنجاز مترتبات الموازنة وانقاذ لبنان من ضيقه الاقتصادي وغير الاقتصادي. هل يئس الحريري فخرج؟ لا على العكس، فلو بقي في الحكومة لاستفحل يأسه: تغول على صلاحياته، فرض مناخات فوقية احادية، تخريب مسارات جلسات الموازنة، افتعال ازمات عطلت الحكومة عدة اشهر (قبر شمون وتداعياتها)، حملات اعلامية ممنهجة متواصلة عليه تريد تحميله مسؤولية ما جرى لتبييض صفحة الفاسدين من فوق إلى تحت...

عانى صبر ايوب. واتساءل: كيف استطاع ان يتحمل كل هؤلاء باثقالهم الخارجية وتوابعهم ونهمهم للسلطة الى درجة المس بالسلطات الاخرى القضائية والامنية والبرلمانية والحكومية.

فوضى حاول التعامل معها عبثاً. فساد حاول رده عبثاً نهش للدولة بكل مؤسساتها حاول ايقافه عبثاً: قرارات تأخذ ثم تنقض فجأة، صلاحيات تقضم بتبريرات سوريالية محاولة تغيير الدستور بالممارسة وانتهاكه بالممارسة ايضاً اي. ارئيس حكومة انا، ام هناك آخر اعرفه ولا اعرفه؟ اهناك وزارة مختصة مستقلة، أهناك وزير لكل الوزرات والادارات؟ اهو نظام شمولي ام نرجسيات فائضة؟

لم يكتفوا بهذا القدر من الاستباحة بل ها هم يطاردونه حتى بعد حسمه مسألة ترؤس الحكومة متهمين اياه بتعطيل جلسات حكومة تصريف الاعمال. هؤلاء الذين عطلوا انتخاب رئيس الجمهورية سنتين ونصف السنة. هؤلاء الذين لطالما شلوا مجلس النواب اشهراً. هؤلاء الذين اسقطوا حكومة الحريري بالشارع بقمصانهم السود.

وهل اكتشفوا اليوم ضرورة وجود الحريري ليبادروه احياناً بالمدائح واخرى بالهجاء ثم بالتهديد.

ايريدونه اليوم وفي ظل هذه الازمات المصيرية ان يجعلوه كبش محرقة يلصقون به تهم المسؤولية عن الكوارث الحالية والمحتملة، ينفضون امام الناس جيوبهم الفارغة يقدمون ارقام ثرواتهم الموجودة في الخارج ليتهموا الاخرين بنهب الاموال العامة: نظيفو الاكف والسرائر والضمائر يحاضرون اليوم بالعفة والوطنية والنزاهة، ومن لا يعرف في لبنان كم يمتلكون من مليارات في المصارف الخارجية.

نعم ايكون الحريري متفائلاً كعادته؟ بل متفائل بطريقة جديدة تشبه آمال شباب الحراك احلاماً بلبنان جديد غير مذهبي غير ميليشياوي غير مرتهن للخارج. يحاول ان يبني معهم ومهما تدرج البناء دولة حديثة تخلو من جيل الحروب الاهلية او المحاصصة او الصفقات. دولة لبنان الكبير بكل حدوده الجغرافية والبشرية والتاريخية. نعم ستجد شركاء لك غير الذين فرضهم الامر الواقع عليك، شركاء في حجم لبنان الابداع والثقافة والحروب...

انت بين لبنانين: لبنان الماضي بكل غرائزه وعنفه ولبنان الجديد لبنان الانتفاضة والمستقبل التي وحدها ستحميك وتحميها.


يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

29 تشرين الثاني 2019 10:41