لا يمكن الصمت والاكتفاء بالبيانات الرسمية عن الحرائق والتفجيرات في ايران .
يستطيع النظام الخامنئي بكل خبراته السياسية والأمنية الطويلة والمتراكمة طوال ثلاثة عقود اعتبار ما يحدث مجرد حوادث ، ولكن ذلك يرفع منسوب القلق داخليا ويراكم الأسئلة حول حقيقة ما يجري وأسبابه ولماذا هذا العجز الأمني في ضبط الوضع اولا وثانيا ما هو حجم الانخراط الخارجي في إشعال النار والاهم بالنسبة للايرانيين هل توجد قوى داخلية منخرطة في هذه الهجمات وهل لديها امتدادات داخل النظام حت لا يمكن كشفها بسرعة وبالتالي ما هو حجم خطرها على النظام ؟
انفجار ناتانز كان من الضخامة الأمنية والاستراتيجية الى درجة بدت استحالة تقزيمه وحتى التخفيف من أهميته وخطورته مستحيلة ،فالموقع معروف جدا ودوره وأهميته في المشروع النووي الايراني حساسة ومهمة وعلى الارجح أساسية ،اضافة الى كل ذلك انه لم يكن ممكنا اخفاء الأضرار التي لحقت به لان الخارج منها يوحي كثيرا بأضرار الداخلي منها . وبدا من الطبيعي جدا حدوث "تسونامي " من الأسئلة حول من ولماذا جرى التفجير ؟ منذ اللحظة الاولى تمحورت الأسئلة حول دور اسرائيل والولايات المتحدة في العملية التخريبية . ولا شك ان الحسم في توجيه الاتهام رسميا علنا بدا صعبا لا بل خطيرا لان من ضمن ارتدادته الاساسية في كيفية الرد واين وبالتالي تحمل كلفة الرد على الرد باختصار الدخول في مواجهة مكشوفة تصل الى حد الحرب سواء المحدودة منها او الواسعة وهو ما لا تريده طهران حكما وكذلك واشنطن وتل ابيب … اما الاخطر في هذه الحالة الصمت على قاعدة سنرد يوما حيث يجب وفي الوقت المناسب ،وهذا يعني انتظار "تحرير القدس " الا اذا كان الرد على اغتيال الجنرال قاسم سليماني في قصف القاعدة الاميركية بعد توجيه تحذير سمح بعدم سقوط قتلى مع سقوط جرحى اصيبوا بارتجاجات بسبب قوة انفجارات الصواريخ . لكن هذا لم يحل دون التأكد من ان المواجهة الايرانية مع اميركا وإسرائيل خرجت من الحالة الرمادية وأصبحت مكشوفة تقوم أساسا على الخنق الاقتصادي وعدم الاكتفاء بضرب أذرع الأخطبوط وانما توجيه ضربات على الرأس …
الاخطر ان هذا الانفجار رافقه سلسلة من الانفجارات والحرائق غير المحصورة في دائرة جغرافية محددة يمكن محاصرتها ووأدها امنيا وفي فترة زمنية لا تتعدى خمسة عشر يوما … وبدون ترتيب زمني او جغرافي :
• الانفجار في منطقة بارتشين العسكرية التي تحوي أنشطة لتصنيع الصواريخ البالستية وقد كشفت الصور الجوية ان الآثار تدل على اتساع التفجير وقوة الحرائق
• الانفجار والحريق الضخم في مركز سينا اطهر الطبي في حي تجريش في شمالي طهران الذي سقط فيه ١٩ قتيل .
• انفجار في محطة زرقان في الاهواز انتج تسرب عاز الكلورين ووقوع جرحى بسبب تنشق الغاز من مصنع قارون للبتروكيماويات
•انفجار في منطقة تقع بين طهران وكرج قال مدير الشوؤن العسكرية (؟) مسلم عادلي انه نتج عن اعمال الحفرللطريق السريع
• اندلاع النيراني منشأة للطاقة الكهربائية في شيراز انقطعت بسببه الكهرباء
• انفجار غاز في قبو منزل في طهران والسؤال من اشعل النار ؟
• حريق ميناء بوشهر الذي اشعل النار في سبع سفن ومستودع او معمل للأخشاب
هذه الانفجارات لم تقع في فراغ ، فقد سبقها ورافقها رقص على "صفيح ساخن" لأزمات سياسية داخلية تتجاوز ما كان يحصل في السنوات الماضية لانها تحمل في طياتها وقائع لم تكن تحصل من قبل خصوصا وانه مهما امتد العمر للمرشد اية الله علي خامنئي فان خلافته اصبحت على نار حامية وهو نفسه منخرط فيها حتى يكون خليفته على مثاله ومن صفه والاهم ان لا يفتح اوراقا وحسابات مطلوب ان تبقى على الرف واذا أمكن دفنها فيكون ذلك افضل … وما يدفعه ليكون مستعجلاان ابنه مجتبى رغم إمساكه بالأمن فانه لن يكون خليفته حتى لا يقال الابن ورث ابيه وهو ما رفضه الامام الخميني بتوريث ابنه احمد . ومن خطواته المدروسة تصعيد مرشحه حتى الان ابراهيم رئيسي وإبراز دوره وموقعه ، ووصف المجلس التشريعي الحادي عشر بانه "المجلس الاكثر ثورية "علما انه مجلس "الحزب الواحد " بعد ان نجح في ابعاد الاصلاحيين …
خروج اختلافات وخلافات علنا في موقعين يمكن التخفيف من وقع احدهما دون الثاني .الاول بين المرشد خامنئي والرئيس روحاني الذي ظهر الى العلن في مغادرة روحاني الجامع قبل انتهاء خامنئي الصلاة التي كان يؤمها يؤمها ثم تفرع عنه الكثير من الأحداث منها سجن شقيق روحاني ورفض اجراء مراجعة لآداء المالي للحرس الثوري …
الثاني وهو المفاجاة الكبيرة خروج التنافس الخفي بين الجيش والحرس الى العلن وتحوله الى ما يشبه الصراع على الدور والموقع نتيجة لتراكم الخلافات منذ بداية الثورة … ويبدو ان اغراق البارجة كنّا رك للجيش بصاروخ من مدمرة للحرس فتح جرحا لم يندمل كما يجب . وقد جاءت المقابلة التي اجريت مع الاميرال حبيب الله سياري الذي كان قائدا للبحرية وعين نائبا لقائد الجيش لشؤون التنسيق والتي جرى محوها بسرعة والعمل حتى على نفيها ولكن بعد ان كانت قد انتشرت وأكدها الصحافي مهدي محموديان لتؤكد عمق الخلافات ،فقد قال سياري : نحن اي الجيشنفهم السياسةجيدا ونحللها جيدالكننا لا نتدخلفي السياسة لان التسييسضار للقوات المسلحة ( في انتقاد واضح لانخراط الحرس في السياسة… ) البنيةالتحتية للجيش متهالكة والافراد لديهمم شاكل معيشيةذلك ان مخصصات الجندي ٢٥٠ الف تومان( اي مايعادل اقل ٣١٤دولار …).
في اثناء كل هذا تعيش. "القبضة" الايرانية في سوريا والعراق على وقع مواجهات تؤكد انها لم تعد تهديداتها تخيف . يوميا تقصف اسرائيل القوات الايرانية وميليشياتها بدون اي رد وفي العراق يتقدم رئيس الوزراء الكاظمي بثبات نحو حالة اكثر استقلالية وهو رغم رسالة اغتيال هاشم الهاشمي المضمونة العنوان لم يتراجع ولا يبدو انه مستعد للتراجع … ورغم كل شيء فان الضربة التي وجهت الى حماس في هروب قائد القوات الخاصة في حماس الى اسرائيل ومعه الأسرار الموجهة هي ايضا ضربة الى ايران التي تصالحت معها في وقت تزداد فيه وطأة الحصار الاميركي رغم كل خطابات المقاومة والنجاحات الاقتصادية …
من المكن جدا ان تتهم اسرائيل والولايات المتحدة بتفجير ناتانز وحتى انفجار بارتشين ولكن ماذا عن الانفجارات الاخرى اذا كانت أيادي مجموعات داخلية خلفها وماذا اذا استمرت الانفجارات والحرائق تتنقل من موقع الى اخر ؟ هذا دون كشف من يسهل ألنار في ايران … لا شك ان صيف "النظام الخامنئي " قاس جدا لانه يجري على وقع اوجاع الكورونا والخسائر الداخلية المتواصلة والمتراكمة.