كتب أسعد حيدر

‏ "نقد الذات": كشف المستور؟!‏

تم النشر في 15 تشرين الأول 2020 | 00:00

‏ ماذا تكون النتيجة عندما يكتب عالم كبير ومناضل ضحى بكل شيء من اجل انتصار الثورة في ‏ايران بقيادة اية الله الخميني، ونائبا للقائد بعد اعلان الجمهورية، ثم بعد كل هذه السنوات التي ‏بدأت في مدينة قم منذ مطلع العام ١٩٤١ جرت إهانته وتم احتلال منزله وسرقت خزنته بما ‏فيها من مال واوراق ووثائق ووضع تحت الإقامة الجبرية لسنوات؟ اية الله حسين منتظري كتب ‏مذكراته وأفاض لكنه قبل ان يغادر الدنيا نص على ابنه سعيد ما اطلق عليه: نقد الذات في حوار ‏نقد ومكاشفة للتجربة الايرانية ( ترجمة الباحثة القديرة والمتمكنة فاطمة الصمادي ومراجعة ‏صادق العبادي)… ولا شك ان الحوار تم نقله مغمسا بالمرارة والأسى والأسف والكثير من ‏الصدق، وهو الذي خسر ابنه محمد أول مؤسس للحرس الثوري وحفيده في الحرب مع العراق كما ‏ان ابنه سعيد خسر عينه واذنه، كما ان والده رغم تقدمه بالسن ذهب الى الجبهة ولم يتدخل ‏لمنعه… وقد سمحت لي متابعتي للثورة من التعرف عليه في باريس ومن ثم في مدينة قم مرات ‏عديدة اخرها قبل وفاته بقليل… تعمدت في عرض الكتاب الوثيقة عدم الاختيار وعدم القفز ‏واعتماد الاجابات على الأسئلة ١٤ المطروحة بتسلسلها الموضوعي . ‏

‏ •مبحث الإمامة والولاية: وهو بحث نظري يدافع فيه عن كتابة مقدمة لكتاب "الشهيد الخالد" ‏الذي "وجدته مفيدا" ثم يركز في جوابه بن حاكميةالكبار وإمساكهم السلطة الظاهرية بغية الحامية ‏يحتاج الى بيعة الناس …فمنشأ مشروعيتهم وتفعيلها مشروط براي الناس وطلبهم لها ".‏

‏ • نظرية "ولاية الفقيه ": يعترف اية الله منتظري انه كان في البداية "ميالا الى تعيين الولي ‏الفقيه… وان الامام الخميني بما كان له من تاثير واسع دفعت نحو منح (القائد وهو اللقب ‏الرسمي وأما المرشد فهو اضافة عربية )ويؤكد منتظري انه جرى اضافة " المطلقة " الى المادة ‏‏٥٧ من الدستور عندما وقع تعديل الدستور عام١٩٨٩ ويضيف منتظري :انه اثناء تدريسه في ‏‏"درس خارج" اختار نظرية الانتخاب وانه في كتابه دراسات في "ولاية الفقيه" فانه عارض ‏مجلس للقيادة وانه ما زال يعارض وانه لا بد من تفكيك الصلاحياتوجعلها محدودة مع وضع مدة ‏زمنية لها وفي المقابل إعطاء اهمية اكبر لحقوق الناس والرقابة على الحكام وضمان الحريات ‏السياسيةوبناء الأحزاب وحرية المطبوعات ووسائل الاعلام" ‏

‏ • العلاقة مع الولايات المتحدة وسفر ماكفارلين: يقول بداية ان ما ازعجه في زيارة ماكفرلين ‏المفاوضات السريةوشراء الأسلحة من اميركا وتدخل اسرائيل فيها … ثم يقول "انه بعد تحرير ‏خورمشهر لم يكن موافقا علىالاستمرار في الحرب وانه طرح رأيه على الامام الخميني لكن يبدو ‏ان بعض المسؤولين والقادة العسكريين أقنعوه بمتابعة الحرب … ويشير الى ان أميركا وإسرائيل ‏لا تريدان قطعا انتصار ايران لان هذه الحرب يجب ان تستمر". ‏

ويرى منتظري ان من كانوا "يتصرفون كانوا يتوارون خلف" عباءة الامام الخميني ويستغلون ‏سلطته ونفوذه "ويضيف بذريعة السيد مهدي هاشمي (الذي كشف زيارة ماكفرلين) اعتقل شقيقه ‏السيد هادي زوج ابنته وعدد من أصدقاء منتظري نفسه وعرضوهم للأذى والتعذيب وزجوهم ‏في زنازين انفرادية" . ‏

‏ •الإقامة الجبرية على المراجع: يقول "منتظري بان الامام الخميني كان قد وصل الى قناعة ‏بان السيد شريعتمداري ينوي القيام بانقلاب ضد الثورة وانه لم يدافع عن شريعتمداري حتى لا ‏يقع اصطدام بينه وبين الخميني علما انه كان لديه خلافات فكرية قبل الثورة مع شريعتمداري ‏ويورد الاتهامات التي وجهت اليه بعد اعتقاله حول صمته عن فرض الإقامة الجبرية على الشيخ ‏قمي واية الله صادق روحاني فيؤكد انه تكلم مع المسؤولين ( كما يبدو مع ريشهري وزير ‏الداخلية آنذاك ) لكنهم وضعوا المسالة في عهدة الامام ٠ ‏

‏ •خلفيات اعتقال السيد مهدي هاشمي وإعدامه: السيد مهدي من "الأشخاص المناضلين قبل ‏الثورة وكان يعمل على تربية الكوادر الثقافية وتشكيل نواة المقاومة ضد نظام الشاه… وقد ‏تعاون مع محمد منتظري في تأسيس الحرس وقد عين بتوصية من السيد خامنئي الذي كان عضوا ‏في المجلس الثوري مسؤولا عن العلاقات العامة وعضوا في القيادة العليا للحرس وقد قال ‏خامنئي ان اتهام هاشمي بمقتل شمس آبادي تمت لأسباب سياسية" وقد جرى إعدامه فيما بعد ‏بحجة قتله لابادي وقد سبق ذلك اعتقال ٣٠٠ شخص من من شباب الحرسوال… وقد خامرني ‏احساس بان القضية كلهاقرار بعملية تصفية سياسية … ولم يسمح للسيد مهدي بتعيين محام ‏للدفاع عنه ولم يحضر المحاكمة سوى المحققين الذين لفقوا له القضية وقد سئل قبل إعدامه عن ‏السبب الذي دفعه للاعتراف فقال لشقيقيه لم أتحمل الضغط بعد الجلدة السبعين والعزل " …‏

‏ • اداء السيد لاجوردي غياب التناسب بين الإصرار على إنهاء الحرب وقضاة محاكم الثورة : ‏بعدما وصلت المعلومات الى الامام عن الممارسات في سجن إيفين استدعى المدعي العام ‏لاجوردي وفال له "ما هذه الافعال والتعذيب التي يقال انك تقوم بها فاجاب الأخير انها تنفيذ ‏احكام تعزيز فقال الخميني قل هي جريمة ،وكان الامام على وشك اصدار قرار بعزله لكن الحاج ‏احمد الخميني راح يولول غاضبا اذا ذهب لاجوردي تدب الحياة في وسط المنافقين اي ( ‏مجاهدي خلق ) فأبقاه في منصبه وفيما بعداخذ مقرا له في إيفين وأصبح قادرا على زج اي ‏شخص في البلاد في إيفين دون تنسيق مع السلطة القضائيةاو المسؤولين المحليين . ‏

‏ •اداء المقربين ومسؤولي مكتب نائب القائد: "أعلن صراحة ( منتظري) قبولي بوجود نقصان ‏وخطأفي نفسي والقريبين مني واعتذر رسميا عن هذا التقصير … وما جرى ضدي كان وفق ‏خطة معدة سابقا… ‏

‏ • غياب التنسيق بين الاصرار على إنهاء الحرب وتقديم الدعم الى الجبهات: "أرسلت رسالة ‏الى مسؤولي الحرب بعدفتح خورمشهر اذا عاقدي العزم على أخذ غرامات (حوالي خمسين مليار ‏دولار) فهذا وقته وذكر هاشمي رفسنجاني ان هذا كان رأي الامام ثم أخذ بالرأي باستمرار ‏الحرب فترة قصيرة لكن مجموعة من المسؤولين و ومجموعة من القادة العسكريين ضغطو ا ‏ليعدل وجهة نظره . ‏

‏ •الامام الخميني والقائد الحالي: يقول منتظري: "قدمت الكثير من الجهد والتضحية لتثبيت ‏مرجعية الامام الخميني والسير بأهدافه التي كانت اهدافي ايضا … واشهد انه حكيم، عارف، ‏زاهد، فقيه وسياسي، صاحب تقوى والتزام وانا متأكد ان لم يكن مستعدا لإلحاق الأذى ظلما ‏بإنسان ولكن الواقع لم يكن معصوما؛ وهو وان قاد الحركة والثورة بشكل جيد فقد كان ينتظر منه ‏اداء افضل في التدبير وادارة الحكم بعد الثورة … وانا اكن له احتراما دائما … ويبدو ان اية الله ‏مطهري اقترح على الامام تشكيل مجلس قيادة للثورة … وقد اخترت خامنئي خلفا لي في امامة ‏الجمعة لانه كان خطيبا مفوها اضافة انني كنت اعتبره شخصا فاضلا وجيد الفكر … وارى ‏الشرط الاعلمية الفقهية شرط ضروري فان السيد خامنئي على الرغم من درجات الفضل ‏والاستعدادفانه فاقد للشرط …وبعد وفاة الامام أرسلت له رسالة تبريك لكني لم اصدر قطعا تاييد ‏بصفته "ولي فقيه" . واكدت على ضرورة مشاورته لمراجع التقليد فانه تدخل بصورة مكشوفة ‏في أمور الحوزة الدينية وقضى على استقلالها وجعلها مرتبطة بحكومته وتدمير استقلال ‏الحوزات الدينية" ثم يروي منتظري سلسلة من الأحداث والحوادث الشخصية التي تنم عن عداء ‏خامنئي له … ويكشف اخيرا ان رفسنجاني اراد ان يزوره لكن كما ابلغه فان "السيد خامنئي ‏حساس لهذه المسالة" ‏

‏ • المواقف الحادة في زمن الإصلاحات: ان فرض الإقامة الجبرية علي استمر بأمر من ‏المرشد لمدة خمسة أعوام وكان يريد كما نقل لي خلخالي عن خامنئي ان ابقى فيها ما دمت اي ‏خامنئي حيّا لكن مطالبة ١١٠ من النواب رفعها دفع نحو تحريره ‏

‏ •مواقف متباينة لحفظ منزلة المرجعية الشيعية: "ان ادعاء المرجعية الدينية من السيد خامنئي ‏والسلطة في يده يختلف عن الاخرين وان المآخذ الاساس عليه اضافة الى عدم صلاحيته لمستوى ‏المرجعية هو لماذا استعان بالدوائر الحكومية مثل وزارة الاستخبارات وقسم المرجعية الى داخل ‏ايران وخارجها

‏ في الأخير ينتقد منتظري نفسه ويعترف انه اخطا فقد كان عليه "ان يسعى اكثر حتى لا ‏يصبح الصوت الواحد في الحكم سنة جارية … وانه اخطا في تأييده لاقتحام السفارة الاميركية ‏لان ذلك الحق ضررا بالغا بايران ولم تكن له اي فائدة". ‏