كتب أسعد حيدر

‎ ‎ماذا بقي من ثورة الامام الخميني؟‎ ‎

تم النشر في 11 شباط 2022 | 00:00

‎ ‎لم تعد ساحة اًزادي ( الحرية ) في طهران تجمع الملايين الهادرة، كما كان ‏يحصل في بدايات الثورة قبل ٤٣ سنة وما بعدها لسنوات عديدة. ليست المشكلة في ‏غياب الجماهير، وانما لسبب بسيط، انه جرى اعادة هندسة الساحة، بحيث لم تعد ‏مفتوحة كليا للجماهير، لقد اصبحت خضراء ومقسمة بحيث تحول دون انتشار ‏الجماهير … ليست هذه الظاهرة وحدها، التي تؤشر الى التحولات التي حصلت ‏منذ الثورة حتى الان، بحيث اصبح يمكن القول "الثورة الخمينية" و"الجمهورية ‏الخامنئية"، وبهذا تحقق حلم اية الله علي خامنئي، ان يكون حاضرا في تاريخ ‏ايران الحديث، جنبا الى جنب مع الامام الخميني … واذا كان هذا ما اصبح واقعا، ‏فماذا عن الثورة وماذا بقي منها لان "الرهبر " ( القائد ) خامنئي هو الذي شدد من ‏البداية انه يكمل ما بدأه الخميني‎ ‎؟‎ ‎

‎ ‎صحيح ان ايران في عهد الشاه كانت تخيف وكانت شرطي الخليج، لكن ايران ‏اليوم أقوى وتخيف ومنتشرة ومؤثرة اكثر على مساحة الشرق الاوسط، وربما ابعد ‏وأعمق . ولكن اين الثورة وشعاراتها وتوجهاتها، التي أشعلت المنطقة امالا من هذه ‏الجمهورية القوية؟‎ ‎

‎ ‎لم يعد ما يجمع ايران اليوم بايران قبل أربعة عقود وأكثر، الا القليل وربما ‏النادر … شعارات كثيرة تم محوها ببطء وثبات ." لا شرقية ولا غربية " غرق ‏في محيط "الشرقية" .اليوم ايران غارقة حتى اذنيها في تحالفات مفتوحة مع روسيا ‏ومع الصين ، عسكريا. استراتيجيا واقتصاديا . الحرب في سوريا استقدمت روسيا ‏الى "المياه الدافئة "، الذي كان حلما روسيا وأصبح واقعا الى درجة ان "القيصر" ‏‏"فلاديمير بوتين يقرر وينفذ دون علم ولا خبر، نقل جنود من بيلاروسيا الى سوريا ‏دون اعتراض ولا احتجاج من ايران، التي استقدمته لدعمها جويا، فكان ان قبل ‏تسلط الصواريخ الاسرائيلية عليها في سوريا دون اعتراض‎ … ‎

‎ ‎اما شعار "اسلامية " اي لا شيعية ولا سنية، فقد اصبح "شيعية شيعية "، وقام ‏بذلك خندقا عميقا يفصل بين ايران الشيعية، والعرب السنة وبالإجمال السنة … ما ‏زاد في عمق الاختلاف والمواجهة، تحويل الشيعة الى "بارودة" مقاتلة، لاهداف ‏تصدير الثورة، وهو اصبح في الواقع لتصدير النفوذ الايراني ونشره، من ‏افغانستان الى سوريا والعراق واليمن، اما لبنان فان خصوصية المواجهة مع ‏اسرائيل فرضت اشتباكا من نوع خاص، سمح لحزب الله" الابن الشرعي "الوحيد ‏لإيران بان يتمدد "سلطوياً، بحيث يحكم ولا يتحمل مسؤولية سلبيات حكمه ضمن ‏المستقبل المنظور‎. ‎

السؤال الذي سيبقى بلا اجابة الى حين، ماذا سيبقى من كل هذا الانتشار وهذا ‏النفوذ، خصوصا اذا ما طالعنا تجربة الاتحاد السوفياتي و"البندقية الكوبية‎"‎؟‎ ‎

‎ ‎اما تحرير فلسطين الشعار الأعز على الثورة، فقد اصبح الطريق الي فلسطين ‏يجول العالم ولا يصل الى القدس لان مهمات وهموم "فيلق القدس" اصبحت ‏تتجاوز فلسطين وتحريرها، خصوصا تحت قيادة قاسم سليماني الذي اجتاح ‏المنطقة، حتى ان كلمته لم تكن هي كل شيء … حتى ان خليفته الجنرال قاآني ‏الذي لا يملك حضوره، مشغول بترتيب "البيت " الشيعي العراقي دون نجاح ثابت، ‏لان احوال العراق تتغير والوطنية العراقية نحو ولادة جديدة … الاخطر ان ‏اسرائيل تذهب بعيدا يوميا، في ضرب الوجود الايراني المتشعب في سوريا، ولا ‏ردود اكثر من المحافظة على حق الرد دون ردود‎ … ‎

‎ ‎طبعا حاليا الهم الأكبر هو في التوصل الى اتفاق على وقع مفاوضات فيينا … ‏ايران بحاجة لهذا الاتفاق لانها بحاجة كبيرة لأموالها المحتجزة، ولتصدير نفطها ‏شريان حياتها . وهي تمارس "الرقص في فيينا " بهدوء، على اساس ان الرئيس ‏جو بايدن بحاجة للاتفاق مثلها وان لأسباب مختلفة … كان يجب ان يتم الاحتفال ‏بالثورة مع توقيع الاتفاق، ولم يحصل ذلك ومن الافضل الان للنظام ان يكون ‏التوقيع، مع تقديم الميزانية الجديدة في احتفالات السنة الجديدة في ٢٠ آذار المقبل . ‏والاهم ان يكون الاتفاق الجديد افضل من الماضي، وعلى الأقل لا يتضمن شروطا ‏ولا مطالبا تجعل تغييب الثنائي روحاني _ظريف ماسوفا عليه و حدثا للمقارنة ‏السلبية‎ … ‎

‎ ‎في الزمن الايراني _السوفياتي اي في عز الازمة الاقتصادية والمعيشية ‏الشعبية، يتم اطلاق صاروخ "خيبر شيكان " اي "خيبر المدمر"، وهو يشكل قفزة ‏نوعية في السلاح الصاروخي الايراني، لانه يعمل بالوقود الصلب، ومداه اكثر من ‏‏١٤٠٠ كلم اي انه يصيب اي موقع في اسرائيل او غيرها بسرعة وتحضير لا ‏يتطلب وقتا وانكشافا‎ … ‎

‎ ‎مظاهر هذه القوة المتجددة توجت باغتيال خمسة من العلماء الايرانيين، على ‏راسهم محسن فخري زادة إنما الاخطر ان الحديث عن انتشار الفساد، حتى داخل ‏جهاز الأمن، اصبح عاما ومن أطراف صنعت هذا الجهاز وخصوصا الحرس ‏الثوري مثل الجنرال محسن رضائي … وما يعزز كل ذلك التسريبات عن القبض ‏عن قيادات في الحرس الثوري، تعمل لاجهزة ودوّل خارجية، وسواء كان ذلك ‏حقيقيا او عملية التعمية على انشقاق او تمهيدا لضرب اي معارضة للخلافة ؛ فان ‏وقوع شرخ في "الحرس "يعني ان خللا اصاب "عمود "الثورة … في عيد الثورة‎! ‎‎ ‎