أسعد حيدر
توقفت الحرب في غزة ولم تنته. غزة على موعد دائم مع الحرب والضحايا والدمار والمقاومة مثلها في ذلك مثل الضفة الغربية، التي تعيش يوميا على وقع المواجهات والتضحيات والمقاومة خصوصا في القدس وساحات المسجد الأقصى. نسيج حالة غزة والضفة يجري على وقع اليوم هدنة وغدا حرب ، حتى قيام الدولة الفلسطينية … الماساة منذ اغتصاب فلسطين ان مستثمري دماء الفلسطينيين يزدادون عددا وأطماعا وان العدو الاسرائيلي يتضخم ويزداد إنكاراً للواقع . وهذا الإنكار طبيعي لانه نتاج دعم خارجي لا مثيل له في كل قضايا ومآسي العالم، يكفي دليلا على ذلك انه في العدوان الحالي. تبارت واشنطن ولندن في ادانة "العدوان " الفلسطيني في وقت كان فيه الأطفال يتساقطون ضحايا للقصف الاسرائيلي المركز …
حرب "الفجر الصادق. " التي هي في الواقع حرب " الفجر الكاذب " تواجهت فيها ولأسباب ومصالح متعارضة كلا من اسرائيل وايران ، وكانت "الجهاد الاسلامي " مجرد اداة او وسيلة لتشريع الهجوم والتدخل وتسجيل النقاط . في هذه الحرب القصيرة سقط ٤٠٠ قتيل وجريح فلسطيني من بينهم ١٥طفلا وأطلقت الجهاد حوالي الف صاروخ ولم يجرح اسرائيلي واحد وانتهت الحرب وما زال قادة "الجهاد" يتحدثون من طهران عن "وحدة الجبهات" في وقت لم يطلق مقاتل من حماس وليس فتح رصاصة واحدة وبقيت الضفة الغربية صامتة وجبهة حزب الله ساكنة .
زياد النخالة أمين عام الجهاد الاسلامي قاد المواجهة من طهران التي قدم منها تقريرا لقيادتها "عن
آخر المستجدات " على الجبهة حيث كانت قواته تطلق الصواريخ والغزاويون يقتلون ويشردون … متوجا تقريره بالإعلان عن "دور ايران القوي والمؤثر والبناء " .طبعا لكل كلمة وصاروخ ثمنه في البورصة الايرانية التي تتلاعب فيها اسهم المفاوضات النووية صعودا وهبوطا تبعا للتنازلات او للتشدد لان العروض محددة وقاسية وامكانيات تقديم طهران للتنازلات محدودة ومرتبطة بألف سبب وسبب داخلي قبل اي شيء اخر . طبعا هذا التضخيم الجهادي و"النخالي " مجدول على حساب المردودات وسيكون مرتفعاخصوصا وان "حماس " التي كانت الاولى في التزاماتها مع ايران التزمت الصمت التام تاركة ل"لجهاد" ان "تقلع شوكها بيديها". وطبعا يبقى موقف حماس لغزا خصوصا وانها ولدت ونمت في احضان ايران على حساب الشعب الفلسطيني ، ولا شك ان التطورات ستحدد لاحقا أسباب هذا الموقف ومردوداته وحتى عواقبه ايرانيا … الاهم ان الوضع في غزة أساسا سيبقى معلقا على وقع تنفيذ التفاهمات التي اتفق عليها بين مصر وقطر وإسرائيل …
" الحرس الثوري " استنكر في عز المواجهات في غزة "جرائم الكيان الصهيوني " في حين ان وزير الخارجية امير اللهيان اكد ان "المقاومة لديها رد قوي على جرائم الكيان الصهيوني" خصوصا وكما كشف الرئيس رئيسي بان " روح البسالة لدى الشباب الفلسطيني واليمني امتداد للثورة الاسلامية " … وكما جرت العادة فانه يجب انتظار نهاية المفاوضات في فيينا لمعرفة وقائع المرحلة المقبلة على الجبهات المرتبطة بايران سواء تصعيدا او سكونا . ما يؤكد ذلك ان لدى طهران كما أعلنت " خطة شاملةلتوجيه رد مؤثر وقوي على اسرائيل " ، والسؤال هل ستعمل ايران على توحيد الجبهات في الحلقة القادمة من مسلسل الجهاد على حساب الشعب الفلسطيني ؟
اما اسرائيل التي تستعد لإجراء انتخابات جديدة فانها ابقت كما هو واضح الوضع كله معلقا على وقع التصعيد ، ومن ذلك إعلانها عدم التزامها بإطلاق سراح احد من "الإرهابيين " كما انها وصلت ما انقطع في حرب "الفجر الصادق " فاغتالت في نابلس قائدا بارزا من "شهداء الأقصى " مع مرافقيه وأكملت هذه العملية باغتيال رابعا … ويبدو ان مثل هذه العمليات ستستمر على وقع تطورات الانتخابات القادمة …
وما يعزز الموقف التصعيدي الاسرائيلي تنافس واشنطن ولندن في دعم اسرائيل امام " الاعتداءات الفلسطينية " …
فلسطين كانت جرحا مفتوحا وما زالت وستبقى سواء وقف الآخرون من العرب او غيرهم مع الشعب الفلسطيني ام لم يقفوا.