كلما واجه رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع فصلاً من فصول الشعور بالعجز أو بعدم القدرة على تنفيذ واحد من عشرات الشعارات التي أطلقها في الإنتخابات النيابية الأخيرة ، سارع الى البحث عن "مسؤول" يرمي عليه المسؤولية ، على طريقة "الحق على الآخرين" . هذا "المسؤول" كان لفترة مضت الرئيس سعد الحريري الذي حمّله الحكيم مسؤولية ما جنته يداه ، حتى إذا علّق العمل السياسي واظب على تحميله المسؤولية نفسها ، متناسياً وجوده على بعد آلاف الأميال عن لبنان وابتعاده الكامل عن شؤون السياسة وشجونها .
رغم مرور ٢٤ ساعة على إعلان جعجع عبر محطة "الحدث" أن حزب الله "كان متمسكاً بسعد الحريري وقبله بالرئيس الشهيد رفيق الحريري لأنهما كانا يأتيان بالأموال الى لبنان "، ورغم حذفه التغريدة المتعلقة بهذا الموقف من صفحته ، لم يكلّف نفسه عناء التوضيح أو النفي ، مع العلم أنه أضاف الى موقفه المعروف إساءة موصوفة الى رفيق الحريري موحياً أنه كان يأتي بالأموال الى حزب الله ، وواقع الحال - كما قال جعجع بعظمة لسانه- أنه ونجله أتيا بالأموال "الى لبنان ".
أما الزعم أن حزب الله "كان متمسكاً بسعد الحريري وقبله بالرئيس الشهيد رفيق الحريري ففيه افتراء واضح تدحضه الوقائع والحقائق التي يعرفها جعجع ككل اللبنانيين ، ما يضطرّ المستمع الى تنشيط ذاكرة "الحكيم" بواسطة بعض الأسئلة :
- كيف كان من قتل رفيق الحريري ، حسب حكم المحكمة الدولية ، متمسكاً به ؟
- كيف يكون "الإتيان بالأموال الى لبنان " جريمة؟ وهل المطلوب المزيد من عزل لبنان بحجة عزل حزب الله وقد تبيّن للقاصي والداني أن من عُزل هم اللبنانيون الآخرون بينما ينعم "حزب الله" ب"الفريش دولار " أكثر من أي وقت مضى ؟
- هل خانت الذاكرة "الحكيم" الى درجة حذف غزوة ٧ أيار من التاريخ ، عندما اجتاح "حزب الله" بيروت وقصف مقرّ سعد الحريري في قريطم ، بينما كان "الحكيم" يسرح ويمرح في ربوع معراب ؟
- وهل خانته الذاكرة الى حد محو واقعة إسقاط "حزب الله" حكومة سعد الحريري العام ٢٠١١ وهو في البيت الأبيض ؟
- عن أي "تمسك من حزب الله بالحريري" يتحدث جعجع وهو في الحوار نفسه كال المديح ب"منطقية" الحزب ، فضلاً عن أنه في مقدمة العارفين بأن سعد الحريري اعتذر عن عدم تشكيل آخر حكومة ( قبل العزوف) بسبب رفض "حزب الله" "حكومة الإختصاصيين" التي تمسك بها الرئيس المكلّف ؟
باختصار مفيد ، هذا هو سمير جعجع . يُخطئ في الحسابات ويبني أوهاماً عليها سرعان ما يبيعها للناخبين وللدول ، وعندما يصطدم بالواقع يرمي المسؤولية على الآخرين .. حتى بعد خروجهم من المسؤولية .
أطلق وعوداً وتعهّدات عشية الانتخابات النيابية الأخيرة انتهت بفوز الفريق الآخر برئاسة المجلس النيابي ونيابة رئاسة المجلس ، ليثبت شرعاً أنه يستند الى "أكثرية ورقية" لا تتجاوز ال ٣٦ صوتاً . وعندما اصطدم بهذه النتيجة نزع عن الإنتخابات صفة "المفصلية" ليُلصقها بالإستحقاق الرئاسي الذي منحه الحجم نفسه : ٣٦ صوتاً .
فماذا عساه يفعل في هذه الحال : يعترف بأنه ضلّل الآخرين ، أم يرمي المسؤولية على الآخرين ؟
متى يحترم "الحكيم" عقول اللبنانيين ؟