كتب عبد السلام موسى

بشار .. إن "صمت"!

تم النشر في 5 نيسان 2019 | 00:00

حدثان في أسبوعين، كانا كفيلين بـ"فضح" المزيد من حقيقة نظام الأسد كـ"نظام مقاول" لا "مقاوم"، كما يدعي حلفاؤه ووكلاؤه، والذين لا شك "يبلعون الموسى" اليوم، وحالهم من حال "الشيطان الأخرس الساكت عن الحق".





الحدث الأول، تمثل في صمت نظام الأسد المدوي، بإزاء قرار واشنطن القاضي بالاعتراف بسيادة العدو الاسرائيلي على هضبة الجولان السوري المحتلة، في الوقت الذي ثار العالم ضده، ومن ضمنه لبنان، الذي وصف رئيس جمهوريته ميشال عون، من موسكو، يوم صدور القرار بـ"اليوم الأسود".





لكن هذا "اليوم الأسود" و"الحدث المفصلي في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي"، على حد تعبير الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله، لم يكن لا مفصلياً، ولا أسوداً، بالنسبة لنظام الأسد، والدليل أن النظام لم يقرر الرد وفقاً لعبارته الشهيرة "في الزمان والمكان المناسبين"، بل ابتدع رداً جديداً يقال إن العدو الاسرائيلي ما زال يفكك شيفرته إلى اليوم، عندما قام بتغيير صورة الغلاف على الحساب الرسمي لما يسمى "رئاسة الجمهورية العربية السورية"، ليظهر في الصورة شبح جندي من جيش النظام قرب علمه مع عبارة لبشار يقول فيها: "الحق الذي يغتصب يحرر"، علماً أن نظام الأسد لم يطلق رصاصة واحدة لتحرير الجولان، منذ أيام الأب حافظ الأسد وصولاً إلى أيام الابن بشار الأسد، الذي أبدع في نظريته "أمن إسرائيل من أمن سوريا"، التي أكد عليها في بداية الثورة السورية رامي مخلوف في حديثه لـ"نيويورك تايمز"، حين قال بالحرف: "لن يكون هناك استقرار في إسرائيل إذا لم يكن هناك استقرار في سوريا".





الحدث الثاني، أطل بالأمس، مع الإعلان عن تقديم نظام الأسد "على طبق من استسلام"، هدية جديدة للعدو الاسرائيلي، من دون أي مقابل، عبر تسليمه "برعاية روسية"، رفات زخاريا باومل، أحد جنود جيشه الذي كان مدفوناً في أرض سوريا، بعد أن فقد في معركة السلطان يعقوب في سهل البقاع اللبناني قرب الحدود السورية في عام 1982.





لا ندري ما إذا كانت عيون حلفاء الأسد في لبنان "قد أدمعت" بإزاء كم "الذل والارتهان" في "استسلام الأسد" في التخلي عن الجولان، ومن ثم في تسليم رفات الجندي الاسرائيلي، من دون أي عملية تبادل، تماماً كما ادمعت عينا نصر الله عندما رأى صورة السيد علي خامنئي مع بشار الأسد.





وبما أن ما حصل بات يفوق قدرة أبواق الأسد على "ترويجه كانتصار". وعلى قاعدة "إذا ابتليتم بالمعاصي فاستتروا"، لن يسألهم أحد عما إذا كان سألوا الأسد كيف يرضى "ضميره المقاوم" بهذا "الذل والارتهان"، فتلك شؤون "ممانعجية" قد يكون التدخل بها أمرٌ مضر، لكن السؤال الذي يطرح نفسه اليوم، هل لهم أن ينتهزوا الفرصة، ويسألوه عن مصير المئات من المفقودين اللبنانيين في سجونه، أكانوا في عداد الأحياء أو الشهداء.





فإذا كان الأسد على هذا القدر من الكرم مع العدو الاسرائيلي، فلمَ هو "لئيم" إلى هذا الحد مع "الشقيق" لبنان؟ 


هل لهم أن يستعطفوا "رئيسهم"، لمرة واحدة فقط، لعله يعطيهم جزءاً قليلاً مما يعطيه للعدو الاسرائيلي، بدل أن يدفنوا رأسهم في الرمال، وهم يتفرجون على "هدايا السلام" التي يقدمها للعدو الاسرائيلي، فيما هم يدافعون عن "هدايا الارهاب" التي اعتاد أن يقدمها للبنان؟!