كتب بول شاوول

إيران وأدواتها على منصة الإرهاب

تم النشر في 14 نيسان 2019 | 00:00

اتسع مفهوم الإرهاب يمكن لأي كان أن يتهم أي كان يختلف معه بالإرهاب، لكن الجديد أن الإرهاب الذي كان ينحصر بالمنظمات والحركات شمل اليوم جيوش الدول ومؤسساتها، وصولاً إلى الاحتجاجيين والشعوب المنتفضة في وجه الديكتاتوريات كما يجري في سوريا وفي إيران.





فها هي الولايات المتحدة تضع الحرس الثوري الإيراني (مع فيلق القدس وقبله حزب الله) على قائمة الإرهاب. ليردّ الملالي التحية بأحسن منها. ويُصنّف الولايات المتحدة الأميركية وجيوشها المنتشرة في المنطقة بالإرهاب.





نظنُّ وفي هذا المجال بالذات أن الولايات المتحدة تأخرت كثيراً في تصنيف الحرس الثوري بالإرهاب الذي لعب دوراً أساسياً في زرع الفوضى في العالم العربي وفي أوروبا: عنده نحو 200.000 عنصر، موزعون في العراق واليمن (دعماً للحوثيين) وفي سوريا (دعماً لبشار الأسد) وبطريقة موازية في لبنان (دعماً لحزب الله) محوّلاً سفاراته في العالم أوكاراً للمخابرات ولعناصره وخلاياه لارتكاب التفجيرات الإرهابية والاغتيالات (تم قتل عشرات المعارضين للنظام في أوروبا) وتهديد الاستقرار في تلك المناطق.





وإذا كان الحرس الثوري ساهم في شكل أساسي في إثارة الفتن والحروب والانقلابات على الشرعيات العربية لمصالح الميليشيات المذهبية فإن دوره داخل إيران لا يقل إرهاباً عما يرتكبه خارجها: فهو يسيطر على كل المفاصل الاقتصادية ويقمع كل التحركات والانتفاضات الشعبية ويغتال من يغتال من الذين يعبرون عن استيائهم من النظام انتهاءً برأسه خامنئي وانتهاءً بالجيش وفيلق القدس.





 إنه لعنة على شفاه الإيرانيين. لعنة بدوره الوحشي بالتعامل معهم، ولعنة لنهبه خيرات البلاد وأموالها، بحيث تقدر ثرواته بمئات المليارات من الدولارات (ولا ننسى هنا ثروة خامنئي) والتي تبلغ نحو مئتي مليار دولار. فيا للعفة ويا للورع ويا للزهد ويا للإيمان.





فإرهابه الداخلي يساوي إرهابه الخارجي، يعبر الحدود بين إيران والعراق واليمن من دون العبور بالمؤسسات الشرعية وكأن العراق مجرد ولاية من ولايات الفقيه. ويتدخل في الانتخابات وتأليف الحكومات وتوجيه البرلمانات... وتهديد كل من يعارض الوصاية الإيرانية في هذا البلد العربي العريق.





وهو ذراع خامنئي في كل هذه الأدوار بل كأنه يجسد ميدانياً ما يجسده خامنئي من سلطة إرشادية مطلقة. ويكفي أن يطلق خامنئي (لا يطالب من رئيس وزراء العراق: أخْرِجْ القوات الأميركية من العراق).





إنه التبجح الصافي وتأكيد أن العراق هو مجرد ولاية من ولايته. ولم يسبق أن تبجح هؤلاء الفرس بأن لهم قاعدة تشرف على المتوسط؟ بل ألم يعلنوا مراراً أن العراق وسوريا واليمن هي أيضاً ولايات إيرانية على خط "الهلال المذهبي" الممتد من إيران إلى العراق إلى سوريا إلى لبنان. لكن سقط مشروعهم الهلالي وها هم اليوم ينتقلون من مواقع التوسع والهجوم إلى الدفاع.





نعم، تأخر الأميركيون بسبب موقف أوباما المنحاز إلى  دولة الملالي، وبسبب تنازلاته في مسألة الاتفاق النووي مما جعل أبواق إيران تعلن انتصارها الإلهي. وقد احتفلوا بهذا الانتصار ووسعوا دوائر إرهابهم، مستفيدين من المليارات التي دفعتها لهم أميركا وكانت مجمدة في بنوكها. إطمأنوا وازدادات شراستهم على الأرض والأقليات والسنة وحاولوا استكمال مشروعهم الاستيطاني في العالم العربي وإرهابهم في الفضاء الغربي.





اليوم يحاولون إخافة الغرب حتى أميركا في الحروب. لكن نظن أنه لم يعد لهم من حلفاء - أتباع سوى في لبنان: فهل يحاولون القيام بمغامرة أمنية فوضوية أو اقتصادية، بتأكيد دورهم الذي يصبح شيئاً فشيئاً سراباً؟