كتب بول شاوول

اطلاق زكا عفو ام صفقة؟

تم النشر في 13 حزيران 2019 | 00:00

... واخيرا وافقت ايران "كرمى" للرئيس ميشال عون على اطلاق المواطن اللبناني حامل الجنسية الاميركية نزار زكا. قبع في سجن او في قبرٍ ما يقارب أربع سنوات لقي فيها امر انواع التعذيب والقهر.  وفي بحر هذه المساحة الزمنية لم تنفع لا النداءات ولا الوساطات من قبل الرئيس عون والرئيس سعد الحريري من دون ان ننسى دور مدير الامن العام اللواء عباس ابراهيم. التهمة التي وجهت الى السجين السابق هي التجسس لمصلحة اميركا. لكن المعروف ان زكا قبض عليه فور وصوله إلى ايران بدعوة رسمية بفيزا وباسبور وعلى متن طائرة. واثر وصوله اكتشفت المخابرات السرية الايرانية انه جاسوس قبل ان يدخل البلد! غريب اتراه تجسس على ايران وهو في اميركا او في لبنان او في اي مكان من الكرة الارضية؟ يتجسس على بلد وهو خارجه. عادة ما يقبض على الجواسيس اثناء اكتشافهم في بلد ما موجودين بداخله يتجسس عليه. المهم ان الحدس الالهي ومعرفة الغيب او المعجزة تمكن النظام المخابراتي بالعرفان ايضاً وأنه بغير المحسوس والملموس ان هذا الاميركي من لبنان جاسوس خطير، فحكم عليه القضاء الالهي بخمس عشرة سنة سجناً. إذاً كل الدلائل والشواهد والاعترافات والوثائق اكدت للايرانيين تهمةا لعمالة عليه.





وما جعل هذا القضاء مصراً على موقفه تدهور العلاقة بين إيران واميركا والعلاقات المتوترة هذه جعلت النظام الايراني يتأكد من ظنونه مما حتم عليه ابقاء زكا في السجن. فليس هناك من يقايضه. او ان الظروف لا تسمح بالمقايضة، ولا يهم ان يبقى زكا في السجن سنوات اخرى حتى تلوح في الافق مقايضة او ثمن له.





وفي هذه الاثناء حاول كثير من اهل زكا ومن المسؤولين اللبنانيين كالرئيسين عون والحريري من دون ان ننسى تزكية السيد حسن نصرالله.  لكن عبثا.





ماذا حدث اليوم وبعد مرور نحو اربع سنوات على سجن زكا... حتى تتحلحل القضية؟ هل يمكن القول ان ايران اهدت الرئيس عون هذه الهدية الثمينة بإفراجها عن زكا؟ ممكن. هل قدمت هذه الجائزة بالمواربة للسيد نصرالله وهو أحالها على الرئيس لاسباب سياسية لانه لا يريد علناً ان يتدخل في قضايا تتصل بالتجسس والعمالة ممكن.





لكن ما هو ممكن ايضاً وربما لاسباب خلفية اكبر ان اطلاق ايران زكا بعفو من خامنئي (لا بتبرئته) صادف نوعا من تخفيف الاحتقان بين إيران وترامب وبدا من خلال الوساطات كسويسرا والمانيا واليابان، ان هناك ما يوحي امكانية حوار ما بين الطرفين: هنا بالذات، وكما اشارت جهات محلية ودولية وكما المح زكا في بعض مقابلاته التلفزيونية، ما حمل إيران على ابرام المقايضة. اتراها مقايضة! ومتى كانت إيران جمعية البر والاحسان! فهل تكون هذه الخطوة الايرانية دليل حسن نية تجاه ترامب الذي خفف في الايام الاخيرة من لهجته ضدها.





لكن سواء كانت مقايضة ام هدية فهذا لا يغطي او يجمل احتقار الايراني لابسط القيم الانسانية والقانونية وحتى الدينية. فالمتاجرة بالاشخاص كالمتاجرة باعضاء البشر والرق. اي اعتبار ان كل شيء مباح حتى تسليع البشر. وفي هذه المناسبة نسأل أين صارت قضية المفقودين اللبنانيين في سجون آل الأسد؟ خمسة عشر ألف مفقودٍ لبناني منذ نحو نصف قرن، ولا أحد يستطيع ان يعرف مصيرهم.