——جورج بكاسيني
لا يمكن لمن يستمع الى رئيس الحكومة حسان دياب وهو يخاطب اللبنانيين، إلا أن يترحّم على الروائي الإسباني الكبير ميخائيل دي سرفانتس الذي ابتكر شخصية "دون كيشوت" المشحونة بتخيّلات وتوهّمات غير عقلانية في زمن ديكارت(العقل) وعصر التنوير .
حبذا لو كان سرفانتس ما زال على قيد الحياة لكان تلمّس لمس اليد أن شخصيته الرمزية التي صارعت "طواحين الهواء"وقادها هوسها الشديد الى الخلط بين الوهم والواقع ، قد تجسّدت في رئيس حكومتنا الغرّاء وصارت حقيقة.
حبذا لو تنبّه رئيس الحكومة ، أو مستشاروه وما أكثرهم، أن توقيت كلمته الموجّهة الى اللبنانيين( بالمناسبة كل كلماته وتصريحاته يوجّهها الى اللبنانيين) جاء مخالفاً تماماً لمضمون كلمته ، حيث أصرّ على أن حكومته "أصبحت تحظى بنسبة عالية من ثقة اللبنانيين "، فيما كانت الطرقات تقطع الواحدة تلوَ الأخرى من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب "احتجاجاً على سياسات الحكومة".
أما في المضمون فلم يتوانَ رئيس الحكومة عن تكرار شعارات من نوع أن حكومته "حقّقت الكثير "من دون أن يحدّد ماذا حقّقت ، ومن دون أن يخجل مما لم تحققه، مثل التشكيلات القضائية ، التي أحبطتها وزيرة العدل في حكومته من دون أن يرفّ له جفن.
ربما أراد رئيس الحكومة الإشارة الى التعيينات المالية والادارية بوصفها من أبرز إنجازات حكومته وقد خالفت أمرين :
الأول : موقف رئيس الحكومة نفسه منذ شهر عندما سحب بند التعيينات خلال جلسة مجلس الوزراء بذريعة أن الأسماء المقترحة "لا تشبهنا" ورفضه لما سمّاه "المحاصصات السياسية"، قبل أن يوافق هو نفسه قبل أيام على الأسماء نفسها التي كانت مطروحة وينخرط في تسمية مقرّبين منه ، مثله مثل مكونات حكومته السياسية.
والثاني : أن هذه التعيينات خالفت قانون "آلية التعيينات " الذي أقرّه مجلس النواب قبل أيام ولم يجفّ حبره بعد.
ولأن "دون كيشوت" السراي يهوى مصارعة "طواحين الهواء" أطنب مسامع "اللبنانيين" بمصطلحات وعبارات أوحت كما لو أنه عائد للتوّ من أرض المعركة : "سقطت محاولة الانقلاب ".."واجهنا مؤامرة التلاعب بالدولار".."وضعنا أرضية صلبة لمعركة الانتصار.."
وفوق ذلك لم يكتفِ "واثق الخطوة" بالتذكير ب"الانتصارات والإنجازات".. وإنما استعان بزجل سياسي ركيك ضد "السابقين"، متناسياً أنه في صفوف الحكم وليس في صفوف المعارضة التي يحتلّها "السابقون" منذ شهور عدة.
من يستمع الى حسان دياب يستذكر ما ردّده أمام الأقربين يوم وصل الى السراي الحكومي" أن والدته حلمت في منامها فتح القدس يوم ولدته"..
رحم الله ميخائيل دي سرفانتس .
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.