12 حزيران 2022 | 20:21

أخبار لبنان

‏13 حزيران.. فاتحة "حروب الإلغاء" ‏

‏13 حزيران.. فاتحة

كتب جورج بكاسيني



‏ ‏

‏ قبل 13 حزيران 1978 عرف الموارنة صراعات سياسية شتّى ‏استمرّت ‏بعد هذا التاريخ ولا تزال مستمرّة حتى اليوم؛ لكن في التاريخ ‏المذكور ‏كُسِرت القاعدة ليبلغ الصراع حدود الاغتيال، أي ما عُرف لاحقاً ‏باسم ‏‏"حروب الالغاء" التي دُشّنت باستشهاد النائب طوني فرنجية ‏وزوجته ‏وابنتهما وثلاثين من الأنصار. ‏

كانت تلك المحطّة إيذاناً بمسار أو مسلسل ما زالت حلقاته متواصلة ‏حتى ‏اليوم، انطلق مع شعار "توحيد البندقية" الذي أطاح عسكرياً ‏حزب ‏‏"الوطنيين الأحرار" لصالح بشير الجميل وما سُمّيَ منذ ذلك ‏الحين ‏‏"القوات اللبنانية"، قبل أن ينتقل الصراع الى داخل قيادة "القوات" ‏‏(بعد اغتيال ‏بشير) بين سمير جعجع وفادي افرام وفؤاد أبو ناضر، ومن ‏ثم الى ‏صراع دموي بين جعجع وإيلي حبيقة، الذي فتح الطريق لصراع ‏على ‏قيادة "الكتائب" بين جعجع وجورج سعادة واستطراداً أمين الجميّل، ‏قبل ‏أن ترسو بورصة الصراعات في العام 1990 على ما سُمّيَ ‏‏"حرب ‏الإلغاء"، نفسها، التي بدأت دمويّة ثم سياسيّة واستمرّت لما يزيد ‏عن ‏ثلاثين عاماً حتى اليوم.‏

إذاً المحطّة الأولى، أي مجزرة إهدن، كانت تأسيسية، تلتها محطّات ‏بقيت ‏أصداؤها حيّة حتى اليوم، ونجمت عنها خسائر فادحة في ‏الأرواح ‏والممتلكات.. وفي السياسة، يحلو لبعضهم أن ينسبها الى ‏‏"الآخرين"، ‏متجاهلاً أنّ من أضعف دور الموارنة هم في الأساس ‏موارنة. ‏

لم تغِب عن ذاكرتي عبارة قالها والدي لوالدتي، وكنت في الثالثة ‏عشرة ‏من عمري، مساء 13 حزيران 1987: "راحت على ‏الموارنة". ‏كما لم تغِب عنها أيضاً لازمةُ ما زال كتائبيو ضيعتي تنورين ‏يُردّدونها ‏حتى اليوم، كيف رفضوا الانضمام الى القوّة المسلّحة التي ‏توجّهت الى ‏إهدن مروراً بالبلدة "تفادياً لترِكة ثقيلة بين تنورين وزغرتا" ‏‏. ‏

والعبارتان شديدتا الدلالة على أن المواطنين العاديين أكثر ‏إلتصاقاً ‏بعصبيّة الطائفة من قادتهم، الذين انخرطوا ، وما زالوا، في ‏صراعات ذات ‏أصول عشائرية (الثأر وإلغاء الآخر) من أجل تزعّم هذه ‏الطائفة.‏

والدليل على ذلك إستمرار "صراع الأحجام" السياسية داخل ‏الطائفة ‏المارونية، الذي يتقدّم على أي صراع مع أيّ كان، لأن فوز ‏هذه ‏العشيرة، أو القبيلة، على تلك، شرط أساسي للإستحواذ بالطائفة، ‏وإن ‏تلطّت هذه أو تلك وراء لافتة حزب أو تيار. ‏

والأخطر أن هذا الصراع (الأحجام) ولعبة عدّ المقاعد ‏والأصوات ‏مستمرّة رغم عدم تبدّل النتائج نسبياً (تعديلات طفيفة هنا أو ‏هناك) منذ ‏العام 2005 حتى اليوم. والحال أن ثقافة "الإلغاء" ما زالت ‏حاضرة ‏بقوّة، وأنّ بعضهم لم يكتسب العِبَر ممّا آلت إليه هذه الثقافة على ‏الموارنة ‏خصوصاً، واللبنانيين عموماً.. كما لم يتعلّم من تجربة سليمان ‏فرنجية ، نجل الشهيد ، الذي غفر لمن شارك في اغتيال والده من دون ‏‏"تفاهم" ، وأطلق سراح من قتل أبيه بيده من دون مقابل .‏



يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

12 حزيران 2022 20:21